ظل الأردن بقيادته الواعية وسلطاته المؤثرة وشعبه الأمين، يكافح من أجل تقوية البناء الوطني وتعزيز صموده ودوام نمائه، بدءا من تعريب قيادة القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) ثم في الغاء المعاهدة الأردنية البريطانية، مرورا بالتوقيع على ميثاق التضامن العربي وقيام جامعة الدول العربية وتشكيل القيادة العربية المشتركة، وها هو اليوم يجني ثمار جهوده في استعادة سلطته على ثغرين من ثغوره الباسمة، التي كان هذا الأردن الصابر المرابط، قد فقد السيطرة عليهما نتيجة حرب 1948 او حرب 1967، وها هو يشهد مناسبة جليلة ولحظة حاسمة، تمثلت ببسط سيطرته على مساحات مزروعة من أراضيه، بمحاذاة حدوده مع فلسطين المحتلة، في كل من منطقة الباقورة في أعالي الأغوار الشمالية وفي منطقة الغمر في وادي عربة، بامتداد اغواره الجنوبية، وذلك عن طريق المفاوضات وتوقيع الاتفاقيات والرجوع الى نصوص القانون الدولي. وهكذا أتمت هاتان المنطقتان عملية عودتهما الى أحضان الوطن، في حين ظل الوطن يفتح احضانه لعودتهما.
وكما عبر عن ذلك رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني الدكتور نضال الطعاني، في ان عودة الأراضي الأردنية في منطقتي الباقورة و الغمر ظلت نقطة التحدي، خاصة بعد سياسات ضم القدس وغور الأردن وشمال البحر الميت، اضافة الى التحدي السياسي المتمثل بمحاولات تغيير الحدود.
علما بان الطبيعة الزراعية والمناخية والجمالية الفريدة التي تتميز بها الباقورة من أهم ركائز تنميتها، مما يستدعي شمول المرحلة القادمة من حياتها لخطط واستراتيجيات تضمن الاستفادة من ميزات المنطقة اقتصاديا واجتماعيا. لذا فان الظروف تتطلب وضع رؤية مستقبلية للاستفادة من الوضع الجديد لتلك الأراضي زراعيا وسياحيا واستغلال المزايا النسبية لها وفقا للقوانين المرعية.
أتغنى بالباقورة ذات الطبيعة الجميلة في وادي الأردن وفي موقعها المميز كنقطة التقاء بين نهر الأردن القادم من بحيرة طبريا ونهر اليرموك القادم من الحدود الأردنية السورية، اضافة الى خلفيتها التاريخية، مما من شأنه جذب السياحة الداخلية والخارجية، وفيها ما يدل على عراقتها الا وهو جسر المجامع، اقدم جسر رابط بين الأردن وفلسطين، وهي ذات تربة خصبة كانت تنتج على مدى الزمن أفضل أنواع الخضروات والفواكه، مما يجعلها ذات ميزة تنافسية لاستثمارها زراعيا، سواء من الأجهزة الرسمية او من المواطنين.
تمثل عودة أرض الباقورة الى السيادة الوطنية الكاملة انجازا تاريخيا يسجل للقيادة الهاشمية، ينسجم مع التطلعات الشعبية، ويستوجب النظر الى ارض الباقورة في المرحلة المقبلة بمنظور خاص، يأخذ بأهمية انعكاسها على الاقتصاد الوطني عموما واهالي المنطقة خصوصا، الأمر الذي يتطلب وضع سياسات بعيدة وخططا مستقبلية، تؤسس لبنى تحتية لازمة للاستثمار السياحي والزراعي في المنطقة، وبما يوفر فرص عمل لأبناء المنطقة الواعدة، هذه البقعة التي تتميز بالخصوبة الى جانب توفر المياه الجوفية، لا سيما وأن فيها العدد الوافر من الشباب المتعطلين عن العمل، وهم على استعداد لاستغلال الأراضي وزراعتها.